جريدة أخبار اليوم
القاهرة فى 28 مارس 2020
رشاد عبده - ضعف سرعة الإنترنت وعدم التأهيل الكافي للعاملين للتعامل مع التكنولوجيا ، خاصة موظفى الحكومة .. أهم المعوقات
خالد الشافعى - يقضي على الفساد والبيروقراطية ، وتظهر وظائف وتختفى أخرى . و وعي المجتمع ضرورة
المتأمل في أزمة وباء "كورونا" يرى أن لها وجوهاً كثيرة ومتعددة ؛ ولعل أهمها : نشر ثقافة "العمل عن بُعد" بين أوساط كثيرة في المجتمع لم تكن تلقي لها بالاً .
فمع تعليق الدراسة بالمدارس والجامعات وتخفيض أعداد الموظفين بالجهاز الإداري للدولة والقطاع العام والأعمال العام والخاص ، طفت على السطح و بقوة فكرة "العمل عن بُعد" .
لكن تبقى لثقافة العمل عن بُعد إيجابيات وسلبيات كثيرة ، وضمانات لابد من توافرها ، وظهور أشكال جديدة للوظائف وإختفاء أخرى ، وهل يصلح تطبيق الفكرة في مصر ؟ وكيف يستثمر الإنسان تواجده في المنزل بالعمل عن بُعد ؟ وما المجالات المتاحة حالياً ؟ ومتطلبات العمل من المنزل .
إيجابيات وسلبيات العمل عن بُعد
يرى مراقبون أن أهم إيجابيات العمل عن بُعد تتمثل في إنهاء البيروقراطية ، وإهدار الوقت بالأحاديث الجانبية في مكان العمل ، والبعد عن مشاحنات الزملاء فى العمل ، وتوفير الوقت المنقضي في المواصلات ، وقلة الطلب على الإجازات ، وتوفير النفقات على صاحب العمل الخاص من حيث شراء حواسب وتجهيز أماكن متسعة وبدل الإنتقالات وبدل وجبات ، وسعي العاملين للتطوير المستمر لأنهم ينافسون على مستوى أوسع وأكبر ، وتمكين صاحب العمل من الإستعانة بكفاءات من خارج الدولة وعلى المستوى العالمي ، وتحسين الإنتاجية ، وتقليل نسبة مغادرة العاملين للعمل ، وحل مشكلات المرور ، والحفاظ على البيئة من التلوث .
بينما يرى آخرون أن أهم عيوب العمل عن بُعد هي غياب الرقابة على العاملين .
معوقات العمل عن بُعد
في البداية يقول الدكتور / رشاد عبده - الخبير الإقتصادي ورئيس المنتدى المصري للدراسات الإقتصادية - إن العمل عن بُعد يعتبر ثقافة ، والثقافة مرتبطة بعلم ، وفي أوروبا هذه التجربة ناجحة لأن مستوى الشعوب من العلم والتقدم وإستخدام أدوات العلم الحديثة متاحة .
ففي أوروبا ، يتم تعريف الجاهل بأنه من لايجيد إستخدام الكمبيوتر وتكنولوجيا الذكاء الإصطناعي ، وليس من لا يجيد القراءة والكتابة ، لكن نحن لدينا مشكلة هي الأمية التقليدية ، ومن يتعاملون مع الإنترنت وثورة المعرفة في مصر لا يجيدون إستخدامه بالشكل الكافي والأمثل .
وتابع الدكتور / رشاد عبده ، أن سرعة الإنترنت في مصر ليست كبيرة ، ولدينا مشكلات في سرعة الإنترنت ، ولو هناك أعداد كبيرة من المواطنين تعمل من المنزل "النت هايقع" ، ولكن العمل من المنزل يصل مع شركات الإتصالات المرتبطة بثورة المعرفة ، لأنهم يتم منحهم أفضل ما في السوق ، ويتم تدريبهم جيداً على ثورة المعرفة في الداخل والخارج ، لكن هذه المهارات غير متوفرة لدى موظفي الحكومة التقليديين وعمال المصانع .
مضيفاً أن هذا يدفعنا خلال الفترة القادمة إلى التطوير بشكل أكبر ، لأن تجربة العمل عن بُعد لن تنجح بشكل كبير وليس في كل المجالات .
و واصل الخبير الإقتصادي و رئيس المنتدى المصري للدراسات الإقتصادية ، حديثه بأن هذه التجربة نجحت لأن الموظفين يجيدون التعامل مع ثورة المعرفة و الإنترنت قوي لديهم ، مشيرا إلى أن تجربة وزارة التربية والتعليم مع التابلت و أولى ثانوي فشلت لأن الطلاب جميعاً وفي وقت واحد يمتحنون ما تسبب في سقوط السيستم .
مجالات العمل عن بُعد
ولفت إلى أنه إذا ما طالت أزمة فايروس "كورونا" ، فيمكن البحث عن عمل من المنزل في مجلات مرتبطة بالإتصالات وثورة المعرفة ، لكن البُعد الإنتاجي في المصانع الوضع مختلف ، فالعامل يقف على ماكينات ، منوهاً على أنه إذا ما طالت أزمة فايروس "كورونا" يمكن لأي مصنع أن يستأجر فندق أو مكان للإقامة أو سكن عمال بجواره معقم مثل تجربة الزعيم الراحل / جمال عبدالناصر ، فقد كان ينشأ مصنع متكامل وبجواره مساكن للعمال ومدرسة ونادي ومركز ثقافي ، ومن الممكن أن نستلهم التجربة مع إحكام الرقابة الصحية على هذه المساكن للعمال حتى لا تتعطل المصانع وهي الأهم لدينا .
الإدارة الجيدة لأزمة "كورونا"
وذكر أن المصالح الخدمية لم تتأثر بتخفيف أعداد العاملين بالدولة وحضور جزء منهم 3 أيام بالتناوب ؛ لأن لدينا بطالة مقنعة متمثلة في زيادة أعداد الموظفين بالأساس ، خاصة مع وجود تفويض السلطة والمسئولية وإدراك الموظفين لطبيعة العمل ، مشيداً بكفاءة الدولة في التعامل مع أزمة "كورونا" ومنخفض التنين مؤخراً ، خاصة مع توجيهات الرئيس بتخصيص 20 مليار جنيه للبورصة ، وهو ما تسبب في صعودها مقارنة بإنخفاض باقي البورصات العالمية ، وكذلك ضخ البنك الأهلي وبنك مصر 3 مليارات جنيه للبورصة .
رعاية العمالة غير المنتظمة
وأكد د. رشاد عبده ، أننا لا نحتاج لتشريعات للعمل عن بُعد ، لأن تعليمات الدولة أعلى من أي شيء ، وهو ما اتضح في قرارات رئيس الوزراء بتخفيض أعداد العاملين ومنح السيدات والحوامل وأصحاب الأمراض المزمنة إجازات ، وإستجابة جميع المؤسسات لذلك ، وهو ما تم تطبيقه أيضاً بالقطاع الخاص .
مشيرا إلى أن التخوف على العمال الذين يكسبون قوت يومهم "العمالة غير المنتظمة" و لابد من تعميم مبادرة تحفظ لهم أرزاقهم مثل مبادرة شهادة أمان .
إستمرار العمل .. الأهم
و أوضح أن العمل عن بُعد له إيجابيات وسلبيات ، ولكن تبقى ميزة إستمرار العمل هي الأهم وعدم توقفه مع إضطرارنا لذلك ، و لابد من وضع أعلى درجة من الضمانات حتى لا تتوقف الأعمال ، منوهاً على فكرة الحكومة الإلكترونية وإنهاء الخدمات ( كتجديد الرخص أو سداد الرسوم ) من المنزل ، وضرورة عودة وزارة التنمية الإدارية وعملها بأعلى معايير الكفاءة والجودة .
مستقبل الأعمال
وشدّد على ضرورة الإهتمام بالحكومة الإلكترونية والعلم والبحث العلمي والحكومات الذكية والتحول الرقمي وتطبيقات الذكاء الإصطناعي حتى نسيّر أمورنا دون التعامل مع الموظف التقليدي ، منوهاً إلى أن هذا سوف يقضي على أعمال كثيرة جداً في المستقبل خلال الأزمة وما بعدها .
الحكومة الإلكترونية
أما الدكتور / خالد الشافعي - الخبير الإقتصادي و رئيس مركز العاصمة للدراسات و الأبحاث الإقتصادية - فيرى أن جميع مجالات العمل الإداري في مصر يصلح معها نظام العمل عن بُعد ، وهي فرصة جيدة لمصر ، و رُبّ ضارة نافعة ، مؤكدا أن جزء كبير من الأعمال يتم الآن عن بُعد وهو مطلب أساسي للحكومة الإلكترونية المزمع إنتقالها للعاصمة الإدارية ، لافتاً إلى أن هناك خدمات كثيرة يمكن تقديمها للمواطن المصري عن بُعد .
القضاء على البيروقراطية والفساد
وتابع د. الشافعى ، أن هذا يفتح المجال للقضاء على البيروقراطية والفساد في دواليب العمل الإداري ، لافتاً إلى أن غياب الرقابة عن الأداء من الممكن تخطيه بالنظر إلى النتائج ، وليس الرقابة على الأعمال ، وتبشر الحكومة وأصحاب الأعمال بتعميم الفكرة وإمكانية العمل عليها للمنظومة ككل .
ظهور وظائف وإختفاء أخرى
وأشار الخبير الإقتصادي ورئيس مركز العاصمة للدراسات والأبحاث الإقتصادية ، إلى أن خريطة الوظائف من الممكن أن تتغير ، فتظهر أنماط وظائف جديدة وتختفي أخرى ، وسوق العمل له متطلبات في كل فترة ، ونحن في الثورة الصناعية الرابعة وكل ثورة لها أهداف ومحددات معينة ، مضيفاً أن الذكاء الإصطناعي سيحدث طفرة في الأعمال .
الجامعات التكنولوجية
وذكر أننا نحتاج ضمانات وتشريعات جديدة لتمكين العمل عن بُعد ، والرئيس حالياً يسمح بإنشاء الجامعات التكنولوجية والرقمية وهي المطلوبة في سوق العمل في الأيام القادمة ، وأزمة "كورونا" أظهرت أهمية ذلك ، مشدداً على أهمية الوعي الإجتماعي لتعميق ثقافة العمل عن بُعد .
وحاليا الجميع يتابع ما سوف تُسفر عنه الأزمة ، وأصحاب الأعمال يفكرون في كيفية إدارة أعمالهم عن بُعد.
Comments